ولما بطل هذا القسم: ثبت أنه معلل بترك واحد معين عند الله تعالى وهو المطلوب.
وأما الذين زعموا أن الواجب واحد غير معين، فقد احتجوا عليه، بأن الإنسان إذا عقد على قفيز من صبرة، فالمعقود عليه قفيز واحد لا بعينه، وإنما يتعين باختيار المشتري أخذ قفيز منها، فقد صار الواحد الذي ليس بمتعين في نفسه معينا باختيار المكلف.
وكذا إذا طلق زوجة من زوجاته لا بعينها، أو أعتق عبدا من عبيده لا بعينه، وكذا القول في عقد الإمامة لرجلين دفعة واحدة، والخاطبين لامرأة واحدة، فإن الجمع فيه حرام.
والجواب عن الأول: أنه يسقط الفرض عندنا بكل واحد منها.
قوله:(يلزم أن يجتمع على الأثر الواحد مؤثرات مستقلة):
قلنا: هذه الأسباب عندنا معرفات، لا موجبات، ولا يمتنع أن يجتمع على المدلول الواحد معرفات كثيرة.
وعن الثاني: إن أردت بقولك: (هي واجبة كلها) أنه يلزم فعلها بعد أن صارت مفعولة، فذلك محال، وغير لازم.
ولا يبقى بعد هذا إلا أن يقال: إنها قبل دخولها في الوجود، هل كانت بحيث يجب تحصيلها: إما على الجمع، أو على البدل؟
وجوابنا أن نقول: أما الجمع، فلا، وزما البدل، فنعم؛ بمعنى أنها بعد وجودها يصدق عليها، أنها كانت قبل وجودها بحيث يجب تحصيل أي واحد منها اختار المكلف، بدلا عنه صاحبه، وذلك لا يقدح في قولنا.