أحدهما: أن الدليل دل على شرطية الوضوء للصلاة، وإلا فلو قال صاحب الشرع ابتداء: صلوا مع تقرر شرطية الوضوء، ولا يذكر الوضوء ففي هذه الصورة بعد حصول هذين الأمرين تتصور المسألة، ويكون في وجوب الوضوء قولان من جهة الأمر الثاني الوارد بإيجاب الصلاة مجردة عن ذكر الوضوء، وإن كان قد اتفق على وجوبه في الأمر الأول الوارد بوجوب الوضوء.
قوله:(الأمر اقتضى إيجاب الفعل على كل حال).
قلنا: هاهنا فرق بين إيجاب الفعل في كل حال، وبين إيجابه مع قطع النظر عن كل حال، ومقصود (لم) إنما يتم بالأول دون الثاني:
بيانه: أنا نتصور أيجاب المطلقات مع قطع النظر عن الخصوصيات والتعينات، كإعتناق رقبة، وإخراج شاة من أربعين، ولك يوجب الشرع ذلك في كل معين، وكل خصوصية، وإلا لزم الجمع الجمع بين المتضادات، وكان المطلق عاما لا مطلقا، وكذلك تعقل إيجاب الفعل مع قطع النظر عن كل مكان معين، كقوله:(صم) فإن ذلك لا يقضي أن الآمر قصد مكانا معينا، بل ظاهره يقتضي إعراضه عن كل مكان؛ لأنه أوجب الصوم في كل مكان، وكذلك ليس في الزمر ما يقتضي أنه قصد حصول الأحوال والهيئات العارضة للفاعل في حال الفعل من الغضب، والرضا، والجوع، والعطش، وغير ذلك إذا تصورت الفرق في الأزمنة، والبقاع ظهر لك ذلك كله في الأحوال، وأما أن مقصود المصنف إنما يحصل من الفعل في كل كل حال؛ فلأنه نقول: ينبغي ألا يكون من جملة تلك الأحوال عدم الشرط؛ لأنه إن لم يكن عدم الشرط من جملة الأحوال مع أن الأمر اقتضاء الفعل في كل حال، فيكون الأمر اقتضاء إيجاب المشروط حالة عدم شرطه لا يطاق، فيحصل مقصوده من أن المحال إنما نشأ من كون عدم ذلك الشرط من جملة الأحوال.