والبصر، والأمر، والخبر، والطلب، والاستخبار، ونحو ذلك من أنواع الكلام وغيرها.
أما القدرة: فلها تعلقان: تعلق صلاحية، وتعلق بالفعل.
فكل صحيح المزاج كامل القدرة يجد في نفسه صلاحية القيام، وإن لم يوجد القيام، وكذلك قدرة الله تعالى في الأزل موجودة، والعالم غير موجود، ولها صلاحية التعلق فيما لا يزال، ولما أوجد الله تعالى العالم تعلقت به بالفعل.
وأما علمه تعالى، وجميع الصفات المتقدمة، فكانت متعلقة بالفعل في الأزل، والعلم بالمعلومات، والطلب بالأفعال والتروك على تقدير الوجود، والإرادة خصصت في الأزل كل ممكن زمانه وهيئاته، وسمعه تعالى بكلامه النفساني، وخبره تعالى بذاته، وصفاته العلى، فكل صفة لها صلاحية التعلق فهي متعلقة بالفعل دائما في الشاهد والغائب إلا القدرة؛ فإنها قد تنفك عن تعلق الفعل، وتنفرد بتعلق الصلاحية، وإنما الأصحاب قرروا هذه المقدمة بطريق آخر، فقالوا: قدرة العبد عرض، والعرض لا يبقي زمانين، فلو وقعت قبل الفعل لم تكن مؤثرة لعدم بقائها لزمن الفعل، فتعين أن تكون مقارنة.
ثم هذه النكتة على تسليمها لا تفيد شيئاً؛ لأن الأمر موجود قبل الفعل - مسلم، ولكنه لم يطلب منه الفعل في زمن الأمر، بل في المستقبل بعده، وذلك الزمان فيه القدرة، فما لزم من تقدم الأمر تكليف بغير مقدور، بل بمقدور؛ لأن الأوامر لا تتعلق إلا بالازمنة المستقبلة.
قوله:" لو تعلقت قدرة العبد بالفعل حالة وجوده لزم تحصيل الحاصل ".
قلنا: لا نسلم، بل القدرة في الشاهد والغائب إنما تتعلق حالة الوجود،