تقريره: أن المعتبر فيه قد يكون من حيث الأمر به كالطهارة، والستارة وغيرهما في الصلاة، وقد يكون معتبرا فيه من حيث إيجاده كالقدرة الربانية الخالقة للأفعال والإرادة، وغير ذلك من أشراط الجواهر في قيام الأعراض بها، فهذا أو ما شبهه لا مدخل له في الإجزاء بخلاف القسم الأول.
قوله:" لو أتى بالفعل مع اختلاف بعض شرائطه، ثم مات لم يكن مجزئا مع سقوط القضاء ".
قلنا: إنه مات قبل خروج الوقت، والقضاء إنما يجب إذا خرج الوقت، فقد وجد عدم القضاء ولم يوجد الإجزاء، فلو كان شيئا واحدا لما وجد أحدهما بدون الآخر؛ لأن الشيء لا يوجد بدون نفسه، وقد تقدمت هذه الوجوه الثلاثة أول الكتاب، وتقريرها والأسئلة عليها، فلا يطول بإعادتها.
قوله:" يقتضي الإجزاء خلافا لأبي هاشم ".
تقريره: أن أبا هاشم يقول: الإنسان ولد بريئا من جميع الحقوق، وورود الأمر اقتضى شغل الذمة بفعل مرة في زمن فرد، أو بعدد من الأفعال في زمن الأزمان، ويبقى العدم بعد الأفعال مستفادا من البراءة الأصلية كالأعدام الكائنة قبل التكليف، فالاتفاق واقع على حصول البراءة، وعدم التكليف بعد الفعل، لكن النزاع في المدرك.
فالجماعة يقولون: هو أمران: الإتيان بالمأمور به مع البراءة الأصلية، وقد زاد فيها الإتيان في هذه الصورة - أعني بعد الفعل - وانفردت البراءة ببراءة الذمة قبل التكليف.
وأبو هاشم يقول: المدرك قبل التكليف، وبعد فعل المكلف به، وهو البراءة فقط.
ونظير هذه المسألة: قول القاضي أبي بكر في مفهوم الشرط توافق على عدم المشروط عند عدم الشرط المعلق عليه.