العدد من غير زيادة، ولا نقصان، ولا الحصر في ذلك العدد، وإنما هو عناية المتكلم، وتفسير لما في نقسه، فإن نورع في ذلك وقف الحال.
بيانه: أنك تعلم أن العالم ثلاثة أقسام: جماد ونبات وحيوان لا رابع لها، مع أنه أمكن أن أذكر تقسيما بين النفي والإثبات يقتضي أنهما قسمان أو عشرة، فأقول: المعلوم الكائن في مجوجودات العالم إما أن يكون حساسا أو لا، فإن كان حساسا فهو الحيوان، وإلا فهو الجماد، فثبت الحصر باثنين، أو أقول إن كان حساسا فلا يخلو إما أن يكون ناطقا أولا، فإن كان ناطقا فهو الحيوان، وإلا فهو الإنسان، وإن لم يكن حساسا فلا يخلو إما أن يكون ناميا أو لا، فإن كان ناميا فهو النبات، وإن لم يكن ناميا فلا يخلو إما أن يكون نائعا أو لا، فإن كان مانعا فهو الماء، وإلا فهو الجماد، إلى غير ذلك من التفاسير الفاسدة، والأقسام الرديئة التي ليست بمطابقة، فإن تفسير الناطق بالحيوان غَلَط وكذلك النامي بالجماد ونحوه، وإنما أردت أن أبين لك أن التقسيم يكون محصرا قطعا، وتفسير ذلك القسم بما يقوله المقسم قد يكون صحيحا، وقد تكون العدة أكثر مما قاله أو أقل، فلا نعتبر لمراده، بمعنى أني أريد بهذا القسم هذا المعنى، وقد يكون صحيحا وقد يكون فاسدا، إذا تقرر ذلك فاختلف الناس في عدد الأحكام فقيل: خمسة كما قاله وهو المشهور.
وقيل: أربعة، والمباح ليس من الشرع.
ومنشأ الخلف فيه: هل يراد به عدم الحرج والثواب في الفعل والترك، وذلك ثابت قبل الشرع، وما هو ثابت قبل الشرع لا يكون شرعيا؟ أو يراد به إعلام صاحب الشرع بذلك؟ ولا شك أن إعلام الشرع لا يثبت قبل الشرع فيكون شرعا، وهو المشهور.
وقيل: اثنان، وفسرت الإباحة بنفي الحرج عن الإقدام على الفعل،