للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزمان الأول أمر بذلك في الزمن الثاني، كذلك إلى آخر العمر إذا كان الأمر موسعا، وإن كان على الفور فهو مأمور بأن يجعل الزمن الذي يلي الأزمان حدوث الفعل، فإن لم يفعل ذلك فهو عاص.

فزمن الملابسة ذكره لبيان صفة التعلق لا لأنه شرط في التعلق، وإنما يلزم نفي العصيان أن لو كان شرط التعليق.

وقوله: " المتقدم قبل ذلك إعلام لا أمر ".

معناه: أنه إعلام بأنه مأمور زمن الملابسة، ونعني بالإعلام الإعلام الذي يصحب الأمر على سبيل اللزوم، كما يقول: كل من أمر شخصا فقد لزم أمره خبر لزومي أنه يعاقبه إذا لم يفعل، فكل أمر أو خبر لزومي لا يدخله التصديق والتكذيب، وكذلك النهي والإباحة يلزم كل واحد خبر في الأزل بالعقاب على تقدير الترك، وفي الإباحة با، هـ لا حرج عليه في النقيضين.

أما الأعلام الصرف فليس هو مراده، وبذلك تأكدت من أن العبارة غير مفصحة عن حقيقة المسألة.

ونظيرها من حيث التمثيل انك إذا قلت لعبدك: أسرج الدابة عند الزوال صدق عليك الآن أنك أمرته، وأن العبد مأمور، وأن الطلب إنما تعلق بفعل عند الزوال لا قبله، والكائن قبل ذلك إعلام بأنه يصير مأمورا إذا جاء الزوال، وهو من أهل التكليف، فزمن الزوال زمن الملابسة، وما قبل الزوال هو مماثل لما قبله من أزمنة العدم، فتأمل هذه التقريرات فهي غامضة، وإذا فهمتها ظهر لك الفرق بين هذه المسألة، وبين قولنا: المكلف مأمور في الأزل وهو معدوم قبل وجوده، وقبل وجود الفعل، وبين قولنا: لا حكم للأشياء قبل ورود الشرع؛ فإن هذه المسائل متناقضة الظاهر، وقد تقدم الجواب عنها في أن المعدوم مأمور، ولا حكم للأشياء قبل ورود الشرع، وبهذه المباحث يظهر لك ذلك من جهة أن البحث في هذه المسألة في زمن التعلق.

<<  <  ج: ص:  >  >>