فإمام الحرمين يقول: بالقدرة حصل الفعل، وانقطاعها حالة وجود الفعل، وما ليس بمقدور لا يؤمر به.
والغزالي يسلم مقارنة القدرة، وقال: الفعل حال وقوعه غير مأمور به؛ لأنه حاصل والحاصل لا يطلب.
ورأى أبو المعالي: أن القدرة هي التمكن من الفعل، وحالة الوجود تنافي التمكن من الفعل والترك، فتعين الوقوع.
وقوله:" لو لم يكن مأمورا حالة الفعل لا متنع كونه مأمورا مطلقا؛ لأن قبل الفعل إما أن يكون الفعل ممكنا " يعني فيفرض وقوعه؛ لأن الممكن لا يلزم من فرض وقوعه محال، وحينئذ يكون مأمورا حالة الملابسة، وإن لم يكن ممكنا امتنع تعلق الأمر به؛ لأن المعتزلة تمنع وتحيل تعلق الطلب بغير الممكن المقدور للعبد.
فهذا التقسيم اقتضى أن الواقع أحد الأمرين، إما التعلق حالة الملابسة أو عدم التعلق، فصدقت الملازمة أنه لو امتنع التعلق حالة الملابسة لامتنع التعلق مطلقا.
وقوله: القدرة مع الداعي مؤثرة في الفعل، ولا مانع من كون المؤثر مقارنا لأثره، كما سيأتي في المؤثرات.
تقريره: أن القدرة هي الصفة المؤثرة في حق الله تعالى، وفي حق العبد هي الصفة الكاسبة، وكل مؤثر يجب أن يكون مقارنا لأثره باعتبار الزمان، ومعدما بالذات، كما إذا حرك زيد أصبعه، تحرك خاتمه، وتحرك أصبعه، وحركة الأصبع هي السبب، وهي مع حركة الخاتم واقعان في زمان واحد،