للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنهم من قال: لا يجوز تقدمه عليه بأوقات كثيرة، بل بوقت واحد، إلا لمصلحة.

ومنهم من شرط لتقدمه شروطا: من كون تقدمه صالحا للمكلف، أو لغيره، وكون المكلف في جميع تلك الأوقات حيا، سليما، قادرا، مستجمعا لجميع شرائط التكليف.

والذي اختاره القاضي أبو بكر: أنه يجب تقدمه على الفعل بوقتين: وقت لاستكمال سماعه، ووقت لحصول العلم بالمراد منه؛ لأن وقوع الفعل في حالة السماع محال؛ لأن الدليل يتقدم على المدلول.

ودليلنا على تسميته أمرا: إجماع الأمة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الأمة الآتية بعده بالعبادات وغيرها ولم يزل الناس يكتفون بالأوامر السابقة المتقدمة على زمان الفعل، ولا يحتاجون إلى تجديد أمر آخر - يؤكده.

ويأمر الإنسان بوصاياه بما يعمل بعد موته.

ولنا على جواز تقدمه على زمان الفعل بالأزمنة الكثيرة إجماع الأمة على الأمر بالموت على الإسلام، وتقدمت أوامره عليه السلام على أفعالنا.

احتجت المعتزلة: بأن تقدمه عري عن الفائدة، فيكون عبثا فلا يجوز.

قلت: هذه المسألة قد تقدم منها جزء فهرس عليه الإمام بقوله: " إنما يصير مأمورا حالة الملابسة، والتقدم قبل ذلك إنما هو إعلام لا أمر " وما زلت أنا ومن رأيته نستشكل كلامه في قوله: (إعلام) حتى رأيت هذا الفعل معزوا لغيره، وأنه قد تقدمه فيه سلف، فسهل الحال، وعلم أن كلامه من كلام من تقدمه من العلماء، ولعله من هذا الكتاب؛ فإنه قد نقل عنه تاج الدين الأرموي أنه كثير الملازمة له والمطالعة فيه، وأخبرني بذلك من نقله لي غير تاج الدين من المعدول الثقات أنه كان يعتني به ويطالعه؛ فإنه كتاب حسن.

[ص ١٦٥٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>