قلنا: التكرار في الشرع كثير، كالزنا والسرقة ونحوهما، وأما المرة الواحدة في الشرع فعسير الوجود، بخلاف الأمر مرة واحدة كما في الحج، والموجود من النهي إنما هو إن لم يدم فلغاية معينة كتحريم الصيد إلى زمن الحل أو الخروج من الحرم ونحوهما، أما المرة الواحدة، فلا يكاد يوجد.
قوله:" والاشتراك والمجاز خلاف الأصل ":
قلنا: يعارضه أمور:
أحدها: أن المتبادر إلى الذهن من النهي إنما هو التكرار، والمبادرة دليل الحقيقة.
وثانيها: أن النهي يعتمد المفاسد، والمفسدة مطلوبة الدفع دائما، فلو قال لولده: لا تشرب السم، فإنه لو شرب السم في أي زمان كان حصلت المفسدة، ومات الولد.
وثالثها: أن جعله حقيقة في التكرار يوجب مزيد حسن التجوز به إلى أصل الترك؛ لأنه يستلزمه، بخلاف العكس؛ لأن التكرار ليس لازما لأصل الانتهاء.
قوله:" يصح أن يقال: لا تأكل السمك، ولا تأكل اللحم في هذه الساعة، والأول ليس تكرارا، والثاني ليس نقضا ً ".
تقريره: أن على القول بالتكرار يكون النهي يفيده، وكذلك قوله:(أبدا ً) يفيده فيلزم التكرار، ويكون قوله:" في هذه الساعة فقط "، ووجود الدليل بدون المدلول نقض على الدليل.
وقوله:" وليس تكرارا ولا بنقض " بمعنى أن الأصل عدمهما، فهما منفيان بالأصل، ولا زمان على مذهب الخصم.