تقريره: أن سبب براءة الذمة من الواجب إنما هو فعل الواجب، فإذا ثبت أن هذه الصلاة غير مأمور بها كانت غير واجبة، فلا يصلح أن تكون سببا لبراءة الذمة من الواجب، فلا يصدق ان الفرض سقط بها؛ لأن الباء للسببية، بل عندها؛ لأن الإجماع إذا انعقد على سقوط الفرض، ودل الدليل على أنه ما سقط بها كان السقوط عندها، كما إذا دفعت الدين عند حائط معين صدق أن الذمة برئت بالدراهم المدفوعة عند الحائط، ولو قلت: برئت بالحائط عند الدراهم لم يصدق ذلك، وما سببه إلا إنما هو سبب يصلح أن تدخل عليه الباء، وما ليس سببا لا تدخل عليه الباء، فلذلك قلنا: يسقط الفرض عندها لا بها، أما لا بها فقد تبين، وأما عندها فلأن العلماء إن افتوا بسقوط الفرض إنما هو به عند الصلاة، أما إن سكن الدار المغصوبة، ولم يصل لم يفتوا بإسقاط الفرض، فلذلك قلنا:(عندها).
قوله:" السلف أجمعوا على أن الظلمة لا يمؤمرون بقضاء الصلوات ".
قلنا: هذا الإجماع فيه نظر من وجهين:
أحدهما: أن غايته أن ما نقل إلينا أنهم افتوا بالقضاء، ومن أين لنا أن بعضهم في بعض البلاد، او شعاب الجبال، أو بطون الأودية، أو بعض القرى، افتى بذلك، ولا يلزم من عدم العلم بالشيء عدم ذلك الشيء، لا سيما وهؤلاء الظلمة المشار إليهم هم الكائنونفي زمن بني أمية، حيث اتسع قطر الإسلام وممالكه، وبلاده من مشرق الشمس إلى مغربها؛ لأن الإشارة بلك إلى تلك العين الواقعة في زمن، فالإجماع بعد عصر الصحابة غير