وكذلك القول في المفسدة الخالصة كالكفر، والراجحة كالخمر لقوله تعالى:{وإثمهما أكبر من نفعهما}[البقرة: ٢١٩].
قوله:" النهي نقيض الأمر، لكن الأمر يدل على الإجزاء، فالنهي يدل على الفساد ".
تقريره: أن العرب تحمل الشيء على ضده كما تحمله على مثله، بدليل حملهم (لا) النافية - في نصب المضاف - على (إن) وهي نقيضها؛ لأن النفي نقيض الإثبات، وحملوا (الغدايا) على (العشايا) في الجمع، فإن أصل (الفعال) للعشايا دون الغدايا، كزكية، وزكايا، وسرية وسرايا، لكن (بكرة) ضد (عشية)، فحمل عليه؛ لأن أصلهما واحد وهو المصدر، فـ (اضرب) و (لا تضرب) و (بع) و (لا تبع)، و (صل) و (لا تصل) كلاهما مصدره واحد، والأصل في اتحاد الأصول تساوي الفروع، فكما أن الأمر دل على شيئين: الوجوب والإجزاء - النهي - أيضا - يدل على شيئين: الزجر والفساد، فيكون لكل واحد منهما مدلولان عملا بتساوي الأصل الذي هو المصدر، وقد سلك المنصف في مسألة (الإجزاء) عكس هذا الاستدلال فقال: " النهي لا يدل على الفساد، فالأمر لا يدل على الإجزاء "، ولما كان في الكل قولان جاز له البناء على كلا القولين في أي وقت شاء.
قوله:" المراد من الفساد في العبادات أنها لا تفيد براءة الذمة، ومن المعاملات أنها لا تفيد جميع الأحكام، وإذا اختلف البابان لا يرد أحدهما نقضا على الآخر ".
قلنا: لا نسلم اختلاف الباب، بل الفساد في الجميع عدم ترتب الآثار، فأثر النهي في العبادة عدم براءة الذمة، واثر النهي في المعاملات عدم إفادة الملك، وتنوع الأمر يقتضي اختلاف الجنس، ألا ترى أن النهي في المعاملات