قوله:" لا يلزم من دلالة الأمر على الإجزاء دلالة النهي على الفساد؛ لإمكان اشتراك المتضادات في بعض اللوازم ":
تقريره: أنهم قاسوا النهي على الأمر في أن كل واحد منهما نقيض الآخر، فيقتضي تيقن الوجوب والإجزاء في الأمر، والتحريم والفساد في النهي، فقال في الواجب: هذا غي
لازم لإمكان اشتراك المتضادات في بعض اللوازم، وهو غير واجب؛ فإن إمكان اشتراكهما في بعض اللوازم لا باشتراكهما في نفيها، ثم إن الخصم قال: النهي يقتضي الأمر، وقال: هو في الجواب: هو ضده، لكنه قصد كلاما، فنطق ببعضه، فقصد أن المتضادات وإن اشتركت في بعض اللوازم، فيجب اختلافها في بعض، وإلا لكانت أمثالا لا نقائض وأضداد، وإذا وجب اختلافهما في بعض اللوازم فلعل الحكم المطلوب هو مما وقع الاختلاف فيه، فلا يلزم ثبوته، فأراد أن يقول: الإمكان اشتراك المتضادات في بعض اللوازم، إختلافها في البعض، فاكتفى بمفهوم قوله: في بعض اللوازم؛ لأن مفهوم البعض يقتضي أن البعض الآخر ليس كذلك، وإلا لكان الكل، وأما عدول عن النقيض إلى الضد فتوسع في العبارة؛ فإنه كثيرا ما يستعمل أحدهما في الآخر.
قوله:" سلمنا ذلك، لكن الأمر لما دل على الإجزاء وجب الا يدل النهي عليه، لا أنه يدل على الفساد ":
تقريره: أن النهي إذا كان نقيض الأمر - كما قال الخصم - وشأن النقيض أن يثبت له نقيض حكم نقيضه، فغذا كان السواد يجمع البصر، فعدم السواد لا يجمع البصر، والواجب تعاقب عليه، فما ليس بواجب لا تعاقب عليه، فيكون اللازم هاهنا أن النهي لا يدل على الإجزاء؛ لانه نقيض ما دل عليه، أما دلالته على الفساد، فلا يلزم أن الفساد ليس نقيض الإجزاء، بل أمر آخر ثبوتي مع أن الحق في هذا الموطن أن النهي ضده وليس بنقيض، لأنهما ثبوتيان، والنقيضان لا بد أن يكون أحدهما عدميا، ثم إن ما تقدم من