للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحداهما: تارك المأمور به عاص، و [ثانيتهما]: العاصي يستحق العقالب؛ فتارك المأمور به يستحق العقاب، فاستفدنا أن الأمر للوجوب؛ بواسطة هاتين المقدمتين، وكذلك هاهنا.

نقول: صيغة العموم يدخلها الاستثناء، والاستثناء عبارة عما لولاه لوجب اندراجه؛ فتكون هاتان المقدمتان نقليتين.

فنقول: ما من فرد، ولا نوع من أنواع صيغ العموم، إلا ويصح استثناؤه، عملا بإحدى المقدمتين، وكل ما يصح استثناؤه، وما استثنى تحت اندراجه؛ فيجب اندراجه كل فرد في حكم الصيغة، وهذا هو العموم، وقد استفدناه من المقدمتين النقليتين، م تصرف العقل.

قوله: " لا نسلم أن المسألة قطعية؛ لأنا قد بينا أن القطع لا يوجد في اللغات ".

قلنا: أما المسألة فقطعية، وقواعد الديانات كلها قطعية الكليات منها، دون تفاريعها، ومستند القطع استقراء اللغات، كما تقدم.

وأما ما ذكرتموه من أن اللغات لا تفيد القطع، فذلك إنما بنيتموه في اللغات؛ من حيث الوضع؛ من حيث هو وضع، ونحن نسلم ذلك؛ فإن اللفظة من حيث هي موضوعة لهذا المعنى، تحمل الاشتراك والإضمار وغيرهما.

أما هذه المسائل، فلم نستفد الدليل عليها، من حيث الوضع، بل من كمال الاستقراء المشتمل على قرائن الأحوال، والمقال؛ حتى وصل إلى حد القطع، وهذه أمور عظيمة خارجة عن الوضع، من حيث هو وضع، وكذلك يقطع بأن مراد الله تعالى من عيسى ابن مريم، ومن موسى، ومريم بنة عمران أن الأشخاص معينة لا لمجرد الوضع؛ بل للقرائن من

<<  <  ج: ص:  >  >>