(قالوها) وبين أن يعود على الدماء والأموال، فإن أعدناه على الكلمة، قدرنا المضاف المحذوف.
قيل: الحق تقديره: عصموا منى دماءهم إلا بتضييع حقها، أي: يضيع حق الكلمة؛ لأن لها حقوقا؛ كالزكاة، والصلاة، وجميع حقوق الإسلام؛ فإذا ضيعوها، استحقوا القتل والقتال، ويتم الاستثناء.
وإن اعدنا الضمير على الدماء والأموال، قدرنا المحذوف بعض الحق.
وقيل: الضمير تقديره: إلا بحق استباحتها، أي: بالسبب الحق الذي تكون الاستباحة به حقا، وتقديرنا:(استباحتها) أولى من تقديرنا (إراقتها) لأن الإراقة تخص الدماء، والاستباحة تعم الدنيا والأموال، وعلى كل تقدير يستقيم معنى الحديث، وبدون هذا لا يستقيم.
قوله:" بعد التأكيد يفيد الاستغراق إجماعا ".
قلنا: لا نسلم؛ بل الخصم ينازع في صيغ التأكيد؛ أنها تفيد العموم، كما ينازع في المؤكد، وليس عنده صيغة للعموم أصلا؛ والتأكيد عنده كالتأكيد عند الكوفيين في النكرات؛ لا يخرجها عن كونها نكرات.
وإن سلم الإجماع، لا يحصل مقصودكم؛ فإن الخصم إذا ساعد أنها بعد تفيد الاستغراق، وقبله لا تفيده، يكون لفظ التأكيد عنده منشأ العموم لا تأكيدا؛ وحينئذ يبطل اعتمادكم على كونه تأكيدا.
وقد قال إمام الحرمين في (البرهان): " وما زل فيه الناقلون عن الأشعري ومتبعيه: أن صيغة العموم مع القرائن تبقى مترددة، وهذا إن صح، فيحمل على توابع العموم؛ كالصيغ المؤكده؛ نحو: أجمعين، أكتعين.