فإن قلت: لم لا يجوز أن يقال: اللفظ المطلق، إنما يفيد العموم، بشرط العراء عن لفظ التعيين، أو يقال: اللفظ المطلق، وإن اقتضى العموم، إلا أن لفظ التعيين يقتضي خصوصه.
قلت: أما الأول: فباطل؛ لأن العدم لا مدخل له في التأثير، وأما الثاني: فلأنه يقتضي التعارض؛ وهو خلاف الأصل.
الخامس: هو أنا قد بينا: أن الماهية غير، ووحدتها غير، وكثرتها غير، والاسم المعرف لا يفيد إلا الماهية، وتلك الماهية تتحقق عند وجود فرد من أفرادها؛ لأن هذا الإنسان مشتمل على الإنسان مع قيد كونه هذا؛ فالآتي بهذا الإنسان آت بالإنسان.
فالإتيان بالفرد الواحد من تلك الماهية يكفي في العمل بذلك النص.
فظهر أن هذا اللفظ لا دلالة له على العموم ألبتة:
احتجوا بوجوه:
أحدها: أنه يجوز أن يستثنى منه الآحاد، التي تصلح أن تدخل تحته؛ لقوله تعالى:{إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا}[العصر: ٢] والاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله فيه؛ وذلك يدل على كون هذا اللفظ عاما.
وثانيها: أن الألف واللام للتعريف، وليس ذلك لتعريف الماهية؛ فإن ذلك قد حصل بأصل الاسم ولا لتعريف واحد بعينه؛ فإنه ليس في اللفظ دلالة عليه، اللهم إلا عند المعهود السابق، وكلامنا فيما إذا لم يوجد ذلك ولا لتعريف