أصحاب النار} [الحشر: ٢٠] وغثباته كقوله عليه الصلاة والسلام: " إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا " لا يقتضي العموم في الأحكام، فلا يقتضي القصاص نفيا، ولا إثباتا؛ لأن الشيء لا يساوي غيره مطلقا، وإلا لاتحدا، أو لغثباته مطلقا، وغلا لما اشتركا في المحكومية؛ فإذن لابد من تقييد التساوي بما فيه التساوي، وإذا لم يذكره، كان مجملا لا عاما.
قلت: أما النفي، فقد تقدم، وأما الغثبات؛ فلأن التشبيه، إنما يقتضي الاشتراك في الوجه الذي وقع الكلام لأجله، ورتبته أن يكون المشبه دون المشبه به، فلا يحصل العموم، وإلا يحصل التساوي.
وأما قوله:" لا يساوي الشيء غيره مطلقا، وغلا لاتحدا "، فهو كلام يقتضي نفي المتساويين مطلقا، وكذلك المثلان، وقد اتفق العقلاء على أن لنا مثلين متساويين في الأحكام الشرعية؛ لوجوب الصلاة في يوم السبت، ووجوبها في يوم الأححد، وكذلك على زيد وعمرو، وكذلك جميع العبادات، وفي الأحكام العقلية؛ فإن استحالة اجتماع النقيضين في السواد، كاستحالتهما في البياض، وإن أفراد البياض متماثلة إلى غير ذلك، بل من شرط المثلين التبيان بالتعين، فلو اشترطنا في المثلين الاتحاد، انتفى المثلان؛ لأنهما حينئذ واحد، والواحد ليس بمثلين؛ فحينئ١ ليس من شرط التساوي في كل شيء التعيين، بل لابد من المباينة في التعيين؛ وحينئذ لايتم قوله:" فلو استويا في كل شيء، كما الخصم يدعيه في صورة النزاع، لاتحدا ".
وقوله:" ولا يباينه مطلقا، وإلا لما اشتركا في المحكومية ".
معناه: أن كل واحد منهما محكوم عليه؛ بأنه مباين للآخر، فقد اشتركا في هذا المعنى؛ فلا يحصل السابق مطلقا.