للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: كراهة المعنى؛ ومنه قوله عائشة رضي الله عنها: " وما لنا عيش إلا الأسودان ".

تريد التمر والماء، والتمر أسود، والماء ليس بأسود؛ فغلبت التمر الأسود مع أن كليهما مذكر، ولفظ كليهما على وزن (أفعل) سواء، غير أن العرب شأنها كراهة ذكر البياض، ولذلك يسمون الأبيض أحمر، ومنه قوله عليه السلام " بعثت إلى الاسود والأحمر ".

قيل: للعرب والعجم؛ لأن العجم أصفى من العرب لونا.

وقيل: للجن والإنس؛ لأن الجان؛ بخفائهم عن الأعين، كانهم في غاية السواد؛ لأن ما لا يرى يرى أسود، ولذلك من غمض عينيه لا يرى غلا سوادا، وفي الظلام كذلك، والأعمى كذلك، ومنه تسمية عائشة بالحميراء، مع قوة بياضها وصفائه لذلك.

فلذلك غلبوا الأسود، فهذه اسباب التغليب، وهي تؤكد أنها مجاز قطعا، فإن الأب لم يوضع للأم، ولا عمر لأبي بكر، ولا الأسود للأبيض، وإنما ذلك مجاز؛ لأجل التغليب، والباعث عليه الأسباب المذكورة، فتأمل ذلك.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>