رواية بالمعنى، ومن شرطها المساواة في اللفظ؛ في الجلاء والخفاء، والعموم والخصوص، والزيادة والنقصان، وإذا كان لفظ الراوي عاما، وجب أن يكون لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما أيضا، وإلا فعل الراوي بالرواية بالمعنى مالا يجوز، وذلك يخيل بعدالته؛ فيتناقض.
وأما قوله " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاهد واليمين " فالقضاء له معنيان:
أحدهما: الحكم؛ بمعنى الف؛ كقوله تعالى:{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}[الإسراء: ٢٣].
وثانيهما: الحكم؛ بمعنى فصل الخصومات بين الناس؛ فالأول ما ينافيه العموم، بل يتعين كما تقدم في النهي عن الغرر.
وأما الثاني: فيتعين فيه الخصوص؛ فإن الفصل بين الخصوم يتنافى فيه الحكم بكل شاهد إلى قيام الساعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بل إنما يقضي بشاهد خاص، وهذا القسم الثاني هو الظاهر من إرادة الراوي، وكذلك فهمه الفقهاء؛ وعلى هذا التقدير، يكون الراوي قد اعتمد على قرينة الحال الدالة على أن المراد بالشاهد واليمين حقيقة الجنس، لا استغراق الجنس، ويكون معنى الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبر هذين الجنسين في فصل الخصومات، وهو كلام صحيح، ولا يحتمل على العموم؛ بخلاف الغرر (و) هو ظاهر في الفتيا العامة إلى آخر الدهر، واللام فيه لعموم الشامل أي: لكل غرر من جميع أنواعه وأفراده.
وكذلك قوله:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قضيت بالشفعة