قال الرازى: قال ابن سريج: لا يجوز التمسك بالعام، مالم يستقص فى طلب المخصص، فإذا لم يوجد ذلك الكخصص؛ فحينئذ يجوز التمسك به فى إثبات الحكم، وقال الصيرفى: يجوز التمسك به ابتداء مالم تظهر دلالة مخصصة.
واحتج الصيرفى بأمرين:
أحدهما: لو لم يجز التمسك بالعام إلا بعد طلب أنه، هل وجد مخصص أم لا، لما جاز التمسك بالحقيقة إلا بعد طلب أنه، هل وجد ما يقتضى صرف اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز؟ وهذا باطل؛ فذاك مثله.
بيان الملازمة: أن لو لم يجز التمسك بالعام إلا بعد طلب المخصص، لكان ذلك لأجل الاحتراز عن الخطأ المحتمل؛ وهذا المعنى قائم فى التمسك بحقيقة اللفظ؛ فيجب اشتراكهما فى الحكم.
بيان أن التمسك بالحقيقة لا يتوقف على طلب ما يوجب العدول إلى المجاز: هو أن ذلك غير واجب فى العرف؛ بدليل أنهم يحملون الألفاظ على ظواهرها من غير بحث عن أنه، هل وجد ما يوجب العدول، أم لا؟
وإذا وجب ذلك فى العرف، وجب أيضاً فى الشرع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"ما رآه المسلمون حسناً، فهو حسن".
وثانيهما: أن الأصل عدم التخصيص، وهذا يوجب ظن عدم المخصص؛ فيكفى فى إثبات ظن الحكم.