الشريعة؛ لأن العموم دليل بشرط انتقاء المخصص، والشرط لم يظهر، وكذلك كل دليل يمكن أن يعارضه دليل؛ ولكن إلى متى يجب البحث؛ فإن المجتهد، وإن استقصى، أمكن أن يشذ عنه دليل مخصص، والناس فى هذا ثلاثة مذاهب:
قيل: يكفيه أن يحصل غلبة الظن بالانتفاء، عند الاستقصاء فى البحث؛ كالذى يبحث عن متاع فى البيت.
وقيل: لا بد من اعتقاد جازم، وسكون نفس، ومتى جوز، لم يحكم، فكيف يحكم بدليل يجوز أن يكون الحكم به حراماً؟!!
وقيل: لا بد، وأن يقطع بانتفاء الأدلة المعارضة، وإليه ذهب القاضى، لكن يشكل طريق تحصيل هذا القطع، فذكر القاضى مسلكين:
أحدهما: البحث فى مسألة كثر الاختلاف فيها، كالمسلم يقتل الذمى، ويستحيل فى العادة ألا يظهر لجميعهم دليل فى نفس الأمر.
قال: وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: أنه حجر على الصحابة أن يتمسكوا بالعموم فى كل واقعة، لم يشتهر الخلاف فيها، والمعلوم من حالهم خلافه.
وثانيهما: أن طول مدة الخلاف والبحث لا يحصل اليقين؛ فلعله مذكور، ولم يبلغ إلينا.
المسلك الثانى للقاضى: أن الحكم لو كان مخصوصاً، لنصب الله ــ تعالى ــ عليه دليلاً يخصصه.
قال الغزالى: وهذا أيضاً من الطراز الأول، فقد يكون الله ــ تعالى ــ بصره، وما بلغ هذا المجتهد.