استثناء منقطع عند النحاة مقدر بـ"لكن" فما حصل جواب "بل"{و} هذه صورة المسألة.
قوله:(ما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ) النساء: ٩٢. فغلب على ظنه أنه كافر أو صيد":
قلنا: وإذا ظنه صيداً أو كافراً، لا نسلم أنه يصدق أن الله ـ تعالى ـ جعل قتل المؤمن له، بل أذن له فى الرمى مسلم، والمستثنى منه ليس الرمى، كيف كان، إنما المستثنى منه ما كان له قتل المؤمن؛ فينبغى أن يكون المستثنى له قتل المؤمن، حتى يكون من الجنس، وبالنقيض؛ فيتحقق الاتصال، وما ذكرتموه لا يحققه.
قوله: "لابد من الدلالة على كون إبليس من الجن":
قلنا: قوله تعالى: (إلى إبليس كان من الجن، ففسق عن أمر ربه) الكهف: ٥٠. مع أن النزاع وقع فى هذه الآية.
وقيل: الجن من الاجتنان، وهو الستر، ومنه المجن؛ لأن الدرقة تستر صاحبها، والجنون يستر العقل، والجنان؛ لأنها مستورة بالشجر، والجنين؛ لأنه مستتر فى بطن أمه، فإذا كان هذا أصل هذه المادة واشتقاقها، فالملائكة محجوبون مستورون عن البصر، فيصدق عليهم أنهم جان، فلا حجة فى الآية، على أن عرف الاستعمال خصص لفظ الجن والجنة بالمخلوق من النار، ولما قال الله تعالى:(من الجنة والناس) الناس: ٦. لم يفهم أحد الملائكة، ومثل هذه المناقشة ترد أيضاً فى الملائكة؛ لأنه مشتق من الألوكة، أو المألكة، التى هى الرسالة، وإبليس قد أرسله الله ـ تعالى ـ حالة الرضا عنه إلى الأرض فى قتال الجن، فيصدق عليه أيضاً لفظ الملك، وكان يشارك الملائكة فى أحوالهم، ومن جملتها الرسائل، مع أنه قد قيل: إنه من الجن، وأنهم لما أفسدوا، بعث الله الملائكة إليهم، فقتلوهم، وسَبَوا منهم إبليس