قال الرازى: مثال الأول: قوله تعالى: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً) العنكبوت: ١١٤. ومثال الثانى: قوله تعالى: (إن عبادى ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك) الحجر: ٤٠.
وزعم أبو حنيفة ـ رحمه الله ـ أن الاستثناء من النفى لا يكون إثباتاً؛ قال: لأن بين الحكم بالنفى، وبين الحكم بالإثبات واسطة، وهى عدم الحكم؛ فمقتضى الاستثناء بقاء المستثنى غير محكوم عليه، لا بالنفى ولا بالإثبات.
لنا: لو لم يكن الاستثناء فى النفى إثباتاً، لما كان قولنا:"لا إله إلا الله" موجباً ثبوت الإلهية لله جل جلاله؛ بل كان معناه نفى الإلهية عن غيره، وأما ثبوت الإلهية له، فلا، ولو كان كذلك، لما تم الإسلام؛ ولما كان ذلك باطلاً، علمنا أنه يفيد الإثبات.
احتج أبو حنيفة رحمه الله بقوله صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولى"، و"لا صلاة إلا بطهور" ولم يلزم منه تحقق النكاح عند حضور الولى، ولا تحقق الصلاة عند حضور الوضوء؛ بل يدل على عدم صحتها عند عدم هذين الشرطين، والله أعلم.