العامل فى نصب المستثنى أكثر من واحد؛ لكن لا يجوز أن يعمل عاملان فى إعراب واحد، أما أولاً: فلأن سيبويه نص عليه، وقوله حجة، وأما ثانياً: فلأنه يجتمع على الأثر الواحد مؤثران مستقلان؛ وهو محال.
وثالثها: أن الاستثناء من الاستثناء مختص بما يليه، فكذا فى سائر الصور؛ دفعاً للاشتراك عن الوضع.
ورابعها: أن الجمل، إذا كان كل واحد منها مستقلا بنفسه، فالظاهر أنه لم ينتقل عن واحد منها إلى غيره، إلا إذا تم غرضه منه؛ لأنه كما أن السكوت يدل على استكمال الغرض المطلوب من الكلام، فكذا الشروع فى كلام آخر لا تعلق له بالأول ـ يدل على استكمال الغرض من ذلك الأول.
إذا ثبت هذا، فلو حكمنا برجوع الاستثناء إلى كل الجمل المتقدمة، نقض ذلك قولنا؛ أنه لما انتقل عن الكلام الأول، تم غرضه.
واحتج الشريف المرتضى على الاشتراك بوجوه:
أحدها: أن القائل، إذا قال:"اضرب غلمانى، وأكرم جيرانى إلا واحداً" جاز أن يستفهم المخاطب، هل أراد استثناء الواحد من الجملتين أو من الجملة الواحدة؟ والاستفهام دليل الاشتراك.
وثانيها: أنا وجدنا الاستثناء فى القرآن والعربية، تارة عائداً إلى كل الجمل، وأخرى مختصا بالأخيرة، وظاهر الاستعمال دليل الحقيقة؛ فوجب الاشتراك.
وثالثها: أن القائل إذا قال: "ضرب غلمانى، وأكرمت من جيرانى قائماً، أو فى الدار، أو يوم الجمعة": احتمل فيما ذكره من الحال والظرفين أن يكون المتعلق