وعن الرابع: أن هناك إنما رجع إلى الجملتين؛ لأنه لا بد من اعتبار كلام العاقل، ولما تعذر رجوعه إلى الجملتين، وجب رجوعه إليهما، وهذه الضرورة غير حاصلة فى سائر المواضع.
وأما أدلة الحنفية:
فالجواب عن الأول من وجهين:
أحدهما: أنه ينتقض بالاستثناء بمشيئة الله تعالى وبالشرط؛ فإن ذلك غير مستقل بنفسه، مع أنهما يعودان إلى كل الجمل عندهم.
فإن قلت: الفرق هو أن الشرط، وإن تأخر صورة، فهو متقدم معنى، وإذا كان متقدماً معنى، صار كل ما جاء بعده مشروطاً به.
وأما الاستثناء بالمشيئة: فإنه يقتضى صيرورة الكلام بأسره موقوفاً؛ فلا يختص بالبعض دون البعض.
قلت: لا نسلم أن الشرط يجب أن يكون مقدماً على الكل، بل يجوز أن يكون مقدماً على الجملة الأخيرة، وإن سلمنا ذلك، فلا نسلم أن التقدم يقتضى الرجوع إلى الكل، بل لعله يكون مختصاً بما يليه.
وأما الاستثناء بالمشيئة: فلم لا يجوز ألا يقتضى كون الكل موقوفاً، بل يختص ذلك بالجملة الأخيرة؟
والأصوب للحنفية أن يمنعوا هذين الإلزامين؛ حتى يتم دليلهم.
وثانيها: أنا لا نسلم أن الاستثناء على خلاف الأصل.
قوله:"لأنه يوجب صرف العموم عن ظاهره":
قلنا: لا نسلم؛ لأنا بينا فى مسألة أن العام المخصوص بالاستثناء لا يكون