قلنا: فيه خلاف؛ فيمتنع الحكم فى الأصل، سلمناه، لكن الفرق أن الشروط اللغوية أسباب، وهى موطن المقاصد والمصالح، فيكون أشرف وأنفع؛ فيتناسب عودها على الكل؛ تكثيراً لتلك المصلحة، أما الاستثناء، فلإخراج ما عساه اندرج فى الكلام مم ليس منه، فهو يلغى غير المقصود، ولا يحقق مقصوداً، فضعف عن رتبة الشرط؛ فظهر الفرق.
قوله:"إن الاستثناء يجرى مجرى الشرط؛ لأن قوله تعالى:(إلا الذين تابوا) النور: ٥.
يجرى مجرى قوله تعالى:(وأولئك هم الفاسقون) النور: ٤. إن لم يتوبوا.
قلنا: لا نسلم ن هذا معناه؛ لأن ما ذكرتموه يقتضى أن عدم التوبة: هو سبب الفسوق؛ لأنك إذا قلت: إن أكرمتنى، أكرمتك، وإن آمنت، دخلت الجن، يقتضى أن هذه الشروط أسباب، وكذلك غالب تعاليق اللغة، وهاهنا ليس سبب الفسوق عدم التوبة، بل القذف سبب مستقل فى ثبوت حكم الفسوق؛ فلا يحتاج إلى ضم شيء آخر إليه، ولكن قولنا: "إن لم يتوبوا" إشارة إلى نفى المانع من القضاء بالفاسق، ففيه توسع بالنسبة إلى قواعد الشروط.
قوله: "الاستثناء بمشيئة الله ـ تعالى ـ عائد إلى كل الجمل، فكذلك الاستثناء":
قلنا: فيه خلاف فنمنعه، لكن الفرق أن الاستثناء بالمشيئة جعله الشرع سبباً رافعاً لليمين؛ كقوله ـ عليه السلام ـ: "من حلف واستثنى، عاد كمن لم يحلف".