للعاجز عن الفعل ليس له أن يفعله، ويقال للقادر على الفعل، إذا كان ممنوعا عنه حسا: ليس له أن يفعله، ويقال للقادر إذا كان شديد النفرة عن الفعل: ليس له أن يفعله، وقد يقال للقادر إذا زجره الشرع عن الفعل: إنه ليس له أن يفعله
والتفسيران الأولان غير مرادين لا محالة، والثالث غير مراد أيضا لأن الفعل قد يكون حسنا مع قيام النفرة الطبيعية عنه وبالعكس.
والرابع أيضا غير مراد؛ لأنه يصير القبيح مفسرا بالمنع الشرعي.
فإن قلت: المراد منه القدر المشترك بين هذه الصور الأربع من مسمى المنع.
قلت: لا نسلم أن هذه الصور الأربع تشترك في مفهوم واحد؛ وذلك لأن المفهوم الأول معناه: أنه لا قدرة له على الفعل، وهذا إشارة إلى العدم، والمفهوم الرابع معناه: أنه يعاقب عليه؛ وهذا إشارة إلى الوجود، ونحن لا نجد بينهما قدرا مشتركا.
وأما قوله:((ويتبع ذلك أن يستحق الذم بفعله))
قلنا: لما فسرت القبيح: بأنه الذي يستحق الذم بفعله، وجب تفسير الاستحقاق والذم.
فأما الاستحقاق، فقد يقال: الأثر يستحق المؤثر، على معنى أنه يفتقر إليه لذاته، ويقال: المالك يستحق الانتفاع بملكه؛ على معنى أنه يحسن منه ذلك الانتفاع.
والأول ظاهر الفساد، والثاني يقتضي تفسير الاستحقاق بالحسن، مع أنه فسر الحسن بالاستحقاق؛ حيث قال: الحسن هو الذي لا يستحق فاعله الذم فيلزم الدور، وإن أراد بالاستحقاق معنى ثالثا فلا بد من بيانه.