قال الرازى: وذلك يستدعى مقدمة، وهى أن الشرط على أقسام ثلاثة:
أحدها: الذى يستحيل أن يدخل فى الوجود إلا دفعة واحدة بتمامه، سواء كان ذلك؛ لأنه فى نفسه واحد لا تركيب فيه، أو إن كان مركباً، لكن يستحيل أن يدخل شيء من أجزائه فى الوجود إلا مع الآخر.
وثانيها: ما يستحيل أن يدخل بجميع أجزائه فى الوجود؛ كالكلام، والحركة، فإن المتكلم بلفظة، يكون حينما وجد الحرف الأول منها، لا يكون الثانى حاصلاً، وحين حصل الثانى، صار الأول فانياً.
وثالثها: ما يصح أن يدخل فى الوجود، تارة بمجموعه، وتارة بتعاقب أجزائه. ثم نقول: على هذه التقديرات الثلاثة: فالشرط إما عدمها، وإما وجودها:
فإن كان الشرط عدمها: حصل الحكم فى الأقسام الثلاثة فى أول زمان عدمها. وإن كان الشرط وجودها: فنقول: أما فى القسم الأول: فالحكم يحصل مقارناً لأول زمان وجود الشرط.
وأما فى القسم الثانى: فإنه يحصل عند حصول آخر جزء من أجزاء الشرط فى الوجود؛ لأنه ليس لذلك المجموع وجود فى التحقيق، بل أهل العرف يحكمون عليه بالوجود؛ وإنما يحكمون عليه بذلك عند دخول آخر جزء من