قال الرازى: لا نزاع فى جواز تقديم الشرط وتأخيره، إنما النزاع فى الأولى، ويشبه أن يكون الأولى هو التقديم؛ خلافاً للفراء.
لنا: أن الشرط متقدم فى الرتبة على الجزاء؛ لأنه شرط تأثير المؤثر فيه، وما يستحق التقديم طبعاً، يستحق التقديم وضعاً، والله أعلم.
المسألة الثامنة
يجوز تقديم الشرط وتأخيره فى اللفظ
قال القرافى: اختار الإمام التقديم، وعلل بأنه شرط تأثر المؤثر فى الجزاء، على قاعدته فى تفسير الشرط بما يتوقف عليه تأثير المؤثر.
وتقريره: أن الشيء متأخر عن المؤثر بالذات، وعن جزء مؤثره، وشرط مؤثره، فإذا كان هذا طبيعته فى ذاته، وجب أن يكون ذلك وضعه فى صيغته، والفراء يرى أن الشرط لا يستقل بنفسه، فأشبه الفضلات فى الكلام؛ كالاستثناء، والغاية، والصفة، وقد وافقوه فى هذه المواطن، غير أن الفرق بينهما: أن الشرط سبب متضمن للحكمة، والمصالح بخلافها؛ ولأن النحاة اتفقوا ـ فيما علمت ـ على أن الشرط له صدر الكلام، وإن تأخر فى الرتبة، وأن جوابه لا يتقدم عليه.
وأنا إذا قلنا:"أنت حر، إن دخلت الدار" فقولنا: "أنت حر" سد مسد الجواب عندهم، وليس بجواب حقيقى، بل وضع الجواب أن يكون متأخراً، بل بالغوا فى ذلك، فقالوا فى المفعول، إذا تقدم: مفعول مقدم، ولم يقولوا فى جواب الشرط: جواب مقدم، وإن كان كلاهما على خلاف