الأحوال؛ كقول القائل لغلامه:(ائتني بمن يخدمني) فإن ذلك يختص بمن يصلح لخدمته في مثل حاله، والتخصيص بالواقع؛ كقوله تعالى:{وأوتيت من كل شيء}[النمل: ٢٣] فإن الواقع أنها لم تعط النبوة، والسموات، والأرض، وذلك لا يدرك بالحس، ولا بالعقل، فإن الملك لا يدرك عدمه، بل العقل يجوز أن يعطي ذلك، والحس لا يتعلق بعدم الملك؛ بخلاف قوله:{تدمر كل شيء}[الأحقاف: ٢٥] فإن الحس يدرك أن الريح لم تهلك الأرض، والجبال، والسموات، وغيرها، وبقي التخصيص بالقياس وغيره، وبالجملة؛ فالحصر غير حاصل.
قوله في السمع:(إنه ينقسم إلى تخصيص المقطوع بالمقطوع، وتخصيص المقطوع بالمظنون):
قلنا: بقي تخصيص المظنون بالمقطوع؛ كتخصيص السنة بالكتاب، وتخصيص المظنون بالمظنون؛ كتخصيص السنة بالسنة، فهي أربعة أقسام، تركتم منها قسمين.
قوله:(يعلم أنه- تعالى- ليس خالقًا لنفسه):
تقريره: أن القاعدة أن التأثير لا يحصل إلا في الممكنات؛ لاستغناء الواجبات لذواتها عن الموجد؛ لأن الوجود حاصل لها لذاتها، وعدم قبول المستحيلات للوجود، فتعينت الممكنات والواجبات بذواتها لله سبحانه وتعالى وصفاته العلا، ويلحق به من النسب والإضافات؛ نحو كون العشرة زوجًا، والخمسة فردًا، ونحو ذلك من الأحكام والإضافات، لا يمكن أن يقال: إنها كذلك بجعل جاعل، بل ذلك لها لذاتها، وكذلك كون العلم مشروطًا بالحياة، والإرادة مشروطة بالعلم، ووجود العرض مشروطًا بوجود الجوهر، ويصلح ذلك في موارده فليس للتأثير مدخل في شيء من ذلك، بل التأثير إنما يكون في الموجودات التي يمكن أن تكون وألا تكون.