إحداها: أن دلالة اللفظ بالوضع، والواضع لا يضع لما هو معلوم الخروج مقطوع به، وإنما يضع لما يريده، والمحال لا يراد، فلا يتناوله اللفظ، فلا يتصور التخصيص؛ لأنه فرع التناول.
وثانيها: أن التخصيص بيان، والخارج بالعقل بين، فلا يحتاج للبيان؛ لئلا يلزم تحصيل الحاصل.
وثالثها: العقل لا يكون ناسخًا؛ فلا يكون مخصصًا.
والجواب عن الأول: أن اللفظ المفرد هو الموضوع للعموم؛ فإن كل شيء متناول للواجب وغيره، وإنما جاء الامتناع من جهة التركيب؛ فيلزم عدم الإرادة في هذا المركب الخاص، ولا يلزم من ذلك عدم وضع المفرد للعموم.
وعن الثاني: أن البيان إنما حصل بدليل العقل.
وعن الثالث: أن النسخ بيان مدة الحكم، والعقل يتعذر عليه بيان المدة، وإنما يعلم ذلك بالسمع، فإن العقل لا يفرق بين زمان وزمان، بل الكل في نظر العقل سواء؛ بخلاف التفرقة بين الممكن والواجب في قبول التأثير فيه.
قوله:(المقتضي للتخصيص الإرادة القائمة بالمتكلم):
قلنا: قد تقدم أن ذلك لا يصح، وأن المخصص على التحقيق هو الدال على الإرادة لا عين الإرادة، وقد تقدم تقريره في التخصيص.
قوله:(يكون النسخ بالعقل في حق من سقط رجلاه، فإنه يسقط عنه غسل الرجلين):
قلنا: لا نسلم أن هذا نسخ؛ لأن الوجوب ما ثبت في أول الأمر إلا مشروطًا بالقدرة، والاستطاعة، وبقاء المحل، ودوام الحياة وعدم الحكم عند عدم الشرط ليس نسخًا؛ فإن الموانع تطرأ على المحال والأحكام مع طول الزمان، وكذلك بعدم الشروط؛ فلا يقال لذلك: نسخ، وليس هو نسخًا