للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي وجودية، وظهر أن الوجود والعدم يشتركان في الأمور الوجودية والعدمية، فدعوى عدم الاشتراك لا تتم.

وقوله في تفسير الاستحقاق: ((الأول ظاهر الفساد)).

يعني: أن الذم ليس مؤثرا في فاعل القبيح، بل الذم لا يؤثر لفي شيء لتعذر التأثير في الكلام، والذم إنما هو كلام، وإلزامه الدور على الثاني غير لازم؛ لأن مدلول الاستحقاق قد يكون مجهولا لشخص، والحسن معلوما له، وبالعكس عند شخص آخر، والحدود والرسوم إنما هي بحسب حال السائل، فرب شخص يعرف الحقيقة لازما، فيعرف له بذلك اللازم، وغيره بجهله، فلا يعرف له به، أو يقول: ليس معنى أن المالك يستحق الانتفاع بملكه أنه يحسن منه ذلك، بل معناه أن الله - تعالى - أذن له فيه، وهو أخص من الحسن؛ لأن الحسن هو الذي لا نهى فيه، وعدم النهي أعم من ثبوت الإذن، بدليل فعل البهائم، وحينئذ نقول: لفظ الإذن لم يقع في تفسير الحسن أصلا فلا دور، وقد تكون الألفاظ يجهل منها ما هي موضوعة له، وإن كانت المعاني في أنفسها معلومة كما تقدم بسطه في حد العلم، وإنه يصح تعريفه بالمعلوم كما تقدم تمامه.

ثم نقول هاهنا معنى ثالث: هو الاستحقاق المقصود في القبيح، وهو ملائمة الذم لفاعل القبيح في نفوس العقلاء الملائمة بين الذم والفاعل غير التأثير والإذن الشرعي، وهذا المعنى ظاهر متبادر للذهن عند سماع هذه اللفظة إذا قال القائل: المحسن يستحق الثناء الجميل، والمسيء يستحق العقاب الوبيل.

معناه: أن ذلك ملائم للطباع، ومناسب عند العقول، كما أن عقاب المحسن منافر عند الطبع، فهذه الملائمة والمنافرة معلومة بالضرورة للعقلاء، ومتبادرة عند سماع اللفظ، فاندفع السؤال.

وقوله: ((الذم قول أو تركه أو فعل أو تركه)).

مثال القول: الشتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>