للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى؛ لأنه ليس خطابه المتعلق بفعل المكلفين، ولذلك لا يندرج فعل البهائم والنائم والساهي، والأفعال قبل ورود الشرع يلزمه أن تكون حسنة، وأنها خطاب الله تعالى، فثبت خطاب الله تعالى حيث انتفي خطابه، وهو تناقض ظاهر.

جوابه: أن التقسيم قد يقع في الأعم والأخص مطلقا، فيجب صدق المقسم إلى جميع أقسام المقسم إليه، كتقسيم الحيوان إلى الناطق والبهيم، وتقسيم الناطق إلى الرجل والمرأة، فيجب صدق الحيوان على الرجل والمرأة، وجميع أقسامها؛ لأن المقسم أعم مطلقا، وتارة يقع التقسيم في الأعم من وجه، كتقسيم الحيوان إلى الأبيض والأسود، فلا يجب صدق الحيوان على جميع ما ينقسم إليه الأبيض والأسود، فلا يجب صدق الحيوان على جميع ما ينقسم إليه الأبيض ومن الجير واللبن، ولا جميع ما ينقسم إليه الأسود من القار والقطران، إذا تقرر هذا فمن التزم أصل التقسيم الذي هو أعم من التقسيم في الأعم مطلقا لا يرد عليه ما يلزم على أحد نوعيه، كما أن من التزم أنه قتل حيوانا لا يلزمه ما يلزم من قتل إنسانا، ولا من قال معي عدد أن يلزمه أن يكون زوجا، ولايلزمه لوازم الزوجية التي هي أحد أنواع العدد، لأنه إنما التزم الأعم، كذلك التقسيم إنما التزم التقسيم الذي هو أعم مطلقا، والحكم هاهنا أعم من الحسن من وجه، لا عموم مطلقا، والحسن ينقسم إلى ما هو حكم، وإلى ما ليس فيه حكم، كما ينقسم الأبيض إلى ما هو حيوان، وإلى ما ليس بحيوان، فكما لا يلزم صدق الحيوان على الجير لا يلزم صدق الحكم الشرعي على فعل الله تعالى، وما قيل معه، وهذا الجواب جليل ينفعنا في تقسيم العلم إلى التصور والتصديق، مع انقسام التصديق إلى العلم والجهل، فيلزم صدق العلم على الجهل، وفي تقسيم حكم الذهن بأمر على أمر، ثم قسم إلى الشك الذي لا حكم فيه، وقد تقدم تقريره، فتأمل هذا الجواب تجد نفعه إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>