والحق أن نقول: العادات إما أن يعلم من حالها: أنها كانت حاصلة في زمان الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يمنعهم منها، أو يعلم أنها ما كانت حاصلة، أو لا يعلم واحد من هذين الأمرين:
فإن كان الأول: صح التخصيص بها، لكن المخصص في الحقيقة هو تقرير الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليها.
وإن كان الثاني: لم يجز التخصيص بها؛ لأن أفعال الناس لا تكون حجة على الشرع، بل لو أجمعوا عليه لصح التخصيص بها، لكن المخصص حينئذ هو الإجماع، لا العادة.
وإن كان الثالث: كان محتملًا للقسمين الأولين، ومع احتمال كونه غير مخصص، لا يجوز القطع بذلك، والله أعلم.
المسألة الرابعة
التخصيص العادات
قال القرافي: قوله: (إذا جهل مقارنة العادة لزمن الخطاب، لا يجوز القطع بالتخصيص، ولا الظن؛ لأن العموم ظاهر لا ينصرف عن عمومه إلا لمانع، والأصل عدمه، فالراجح الذي يغلب على الظن عدمه عملًا بالأصل، فلا يكون التخصيص مظنونًا.