للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزية تؤخذ من المرأة والصغير ونحوهما؛ بطريق العموم؛ لأن ذلك لم يقصد، وإنما سيق للجزية، ولم يتوجه المتكلم بتقرير غير ذلك من القواعد، وكذلك لا يستدل به على جواز نكاح نسائهم، وأكل ذبائحهم؛ نظرًا لعموم اسم الجنس إذا أضيف في قوله عليه السلام: (سنة أهل الكتاب) فإنه يعم جميع ما ثبت لأهل الكتاب، وبالجملة: فهذه قاعدة مشهورة، إذا سيق الكلام بمعني، لا يستدل به على غيره؛ لعدم توجه المتكلم إليه، وحكاها القاضي عبد الوهاب المالكي في (الملخص) مسألة مستقلة وفرسها بتوقف العموم على المقصود فيه.

وحكي عن متقدمي المالكية، وبعض الشافعية منهم القفال: أنه موقوف على ما سيق لأجله، ويختص به، وإن كان عاما.

وحكي عن متأخري المالكية القول بإجرائه على عمومه، فمستند المانع من التمسك بالآية ظاهر، وإنما في المسألة غور آخر، وهو أن العام إن تقدمه حكم قوم نحو: (إن أكلة الربا ظلموا أنفسهم) ثم بقول: (إنه لا يفلح الظالمون) فهل يحمل اللفظ على عمومه؟ ونقول: لا يفلح كل ظالم، كيف كان من هؤلاء، أو من غيرهم، ونحو هذا، وكذلك إذا قال: صلوا أرحامكم، وأحسنوا لأقاربكم، ثم يقول: إن الله مع المحسنين، هل كان يحسن، أو يختص بمن تقدم؟

ونحو هذه السياقات هي التي يتجه فيها: أن المدح والذم لا يوجب تخصيصًا.

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ويتعين التخصيص، إذا كان المتقدم شرطًا؛ نحو قوله تعالى: {إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورًا} [الإسراء: ٢٥] فإنه يتعين أن تكون العدة بالغفران هاهنا مختصة بمن تقدم ذكره من المخاطبين في قوله تعالى: {تكونوا} ولا يعم هذا الحكم جميع

<<  <  ج: ص:  >  >>