قال الرازي: عطف الخاص على العام، لا يقتضي تخصيص العام.
مثاله: أن أصحابنا لما احتجوا على أن المسلم لا يقتل بالذمي؛ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقتل مؤمن بكافر) قالت الحنفية: إنه - صلى الله عليه وسلم - عطف عليه قوله:(ولا ذو عهد في عهده) فيكون معناه: (ولا ذو عهد في عهده بكافر) ثم إن الكافر الذي لا يقتل ذو العهد به هو: الحربي؛ فيجب أن يكون الكافر الذي لا يقتل به المسلم هو: الحربي؛ تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه.
والكلام عليه يقع في مقامين:
الأول: ألا نسلم أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ولا ذو عهد في عهده) معناه: (ولا ذو عهد في عهده بكافر).
بيانه أن قوله - صلى الله عليه وسلم - (ولا ذو عهد في عهده) كلام تام، وإذا كان كذلك لم يجز إضمار تلك الزيادة.
إنما قلنا: إنه كلام تام؛ لأنه [لو] قال: (ولا يقتل ذو عهد) لكان من الجائز أن يتوهم منه متوهم أن من وجد منه العهد، ثم خرج عن عهده، فإنه لا يجوز قتله، فلما قال:(في عهده) علمنا أن هذا النهي مختص بكونه في العهد.
وإذا ثبت أن هذا القدر كلام تام، لم يجز إضمار تلك الزيادة؛ لأن الإضمار على خلاف الأصل؛ فلا يصار إليه إلا لضرورة.
سلمنا: أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ولا ذو عهد في عهده) معناه: (ولا ذو عهد في عهده بكافر) لكن لا نسلم أن هذا الكافر، لما كان هو: الحربي؛ وجب أن يكون المراد بقوله:(لا يقتل مؤمن بكافر) هو: الحربي.
بيانه: أن مقتضي العطف مطلق الاشتراك، لا الاشتراك من كل الوجوه، وإذا كان كذلك، لم يجب ما قالوه، والله أعلم.