للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة العاشرة

قال الرازي: اختلفوا في أن العموم إذا تعقبه استثناء، أو تقييد بصفة أو حكم وكان ذلك لا يتأتي إلا في بعض ما يتناوله، هل يجب أن يكون المراد بذلك العموم- ذلك البعض فقط، أم لا؟

مثال الاستثناء قوله تعالى: {لا جناح عليكم، إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن، أو تفرضوا لهن فريضة} [البقرة: ٢٣٦] ثم قال عز وجل: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة، فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون} [البقرة: ٢٣٧] فاستثني العفو، وعلقه بكناية راجعة إلى النساء.

ومعلوم أن العفو لا يصح إلا من المالكات لأمورهن دون الصغيرة والمجنونة، فهل يجب أن يقال: الصغيرة والمجنونة غير مرادة بلفظ النساء في أول الكلام؟

مثال التقييد بالصفة: قوله تعالى: {يأيها النبي، إذا طلقتم النساء، فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: ١] ثم قال: {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا} [الطلاق: ١] يعني الرغبة في مراجعتهن، ومعلوم أن ذلك لا يتأتي في البائنة.

ومثال التقييد بحكم آخر: قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}. ثم قال: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك} [البقرة: ٢٢٨] وهذا أيضًا لا يتأتي في البائن.

إذا عرفت هذا، فنقول: ذهب القاضي عبد الجبار إلى أنه لا يجب تخصيص ذلك العموم بتلك الأشياء، ومنهم: من قطع بالتخصيص، ومنهم: من توقف؛ وهو المختار.

<<  <  ج: ص:  >  >>