الثاني: قوله: (مشتق من التبيين) هذان مصدران لفعلين، فالتبيين مصدر تبيين، والبيان مصدر بان، والمصادر كلها جامدة، ليس فيها اشتقاق، فكيف يجعل أحدهما من الآخر؟ هذا خلاف اصطلاح النحاة؛ غير أن الاشتقاق اشتقاقان: أصغر، وأكبر، فالاشتقاق الأصغر يختص بأن يكون من المصادر، وباعتباره تكون المصادر غير مشتقة، وهو الذي يغلب استعماله.
والاشتقاق الأكبر: لا يتوقف على ذلك، بل يقال:(سوف) مشتق من (سوف): ونون من النون فيحصل الاشتقاق من الحروف، وكذلك استحجر الطين، واستنوق البعير، واستنسر الببغاء: اشتقاق من (الحجر) و (الناقة) و (النسر) وهي أسماء أجناس، ويقولون:(الخمر) مشتق من (الخمرة) لأنها تغلب على الوحوش منها، و (البقر) من (البقر) الذي هو الشق؛ لأنها تشق الأرض بالحرث، وهو كثير، وقد تقدم بسطه في (باب الاشتقاق) وعلى هذا يستقيم ما قاله.
قوله:(البيان الدلالة):
يريد الدلالة باللفظ لا دلالة اللفظ؛ لأن قولنا:(بين)، أي: تعاطى البيان، والتعاطي إنما هو دلالة باللفظ، أي: استعماله لأجل الإفهام، والدلالة قد تحصل بقصد المتكلم، وبغير قصده، فيفهم السامع الحقيقة، والمتكلم يريد إفهام المجاز.
قال سيف الدين: قال أبو بكر الصيرفي: في البيان: التعريف.
وقال أبو عبد الله البصري وغيره: هو العلم الحاصل من الدليل.