تقتضي الخلاف في المضاف المحذوف، هل هو سبب المجاز، أو محل المجاز؟ وتقدم تقرير هذا وبسطه في باب المجاز، وتقدم في باب الحقيقة العرفية: أن أهل العرف كما ينقلون المفردات ينقلون المركبات أيضًا، كما أن العرب وضعت المفردات والمركبات، كذلك الوضع العرفي فيه القسمان، وهو معنى قوله:(حقيقة عرفية).
هذا هو ظاهر كلامه، ويحتمل على وجه البعد أن يكون أراد مجاز - الإفراد؛ بأن يعتقد أن لفظ الأمهات عبر به عن الاستمتاع بها؛ من باب التعبير بالسبب المؤدى عن مسببه، أو مجاز الملازمة؛ لأن وضع النساء يقتضي قبولهن الاستماع كما يقبل الوادي الماء، والاستمتاع من لوازم النساء في غالب أمرهن إلا أن مجاز التركيب فيه أظهر، وقد تقدم في باب المجاز الفرق بين مجاز التركيب، ومجاز الإفراد، وحقائقهما وشروطهما.
قوله:(روى عنه - عليه السلام - أنه قال: (لعن الله اليهود؛ حرمت عليهم الشحوم، فجملوها، وباعوها، وأكلوا أثمانها} يدل على تحريم كل أنواع التصرف، وإلا لم يتوجه الذم في النفع):
قلنا: عليه سؤالان:
السؤال الأول: أن هذا يناقض ما قدمتموه: أن اللفظ موضوع لما يتبادر الذهن إليه فقط، والمتبادر هاهنا إنما هو الأكل وهو المفهوم من الشحوم، إذا قلنا: حرم الله الشحم، أما جميع الأنواع فلا، كما قررتموه في الطعام.
السؤال الثاني: أن هذا الحديث في نفسه مشكل، استشكله جماعة من العلماء من جهة أن المتبادر إلى الفهم إنما هو الأكل كما تقدم، فيشكل اللعن على البيع؛ فإنه لا يلزم من تحريم الأكل تحريم البيع؛ كالبغال والحمير يحرم أكلها، ويجوز بيعها، وهو كثير، ومقتضى ذلك أن يعذر اليهود في كونهم حملوا التحريم على الأكل خاصة، فكيف يتوجه عليهم الذم، وأجاب