قوله:(بعد استقرار تلك الدلالة، صار اللفظ كالعام بالنسبة لنفي الذات والصفات):
قلنا: إن أردتم باستقرارها اعتقاد نفي الذات وصفاتها، فممنوع؛ لأنا لا نعتقد نفي الذات ألبتة، ويلزم من اعتقادنا نفي الذات: ألا نعتقد نفي الصفات؛ لانتفاء الوجوب من ذهننا.
وإن أردتم باستقرار الدلالة: أن عند سماع اللفظ يحصل إفهام نفي الذات، ونفي الصفات؛ فإنه لا يلزم من عدم اعتقاد المفهوم انتفاء الفهم، كما أن اللفظ العام إذا خص لانتفاء دلالته على جميع الأفراد بمعنى إشعاره بها - وإن انتفى اعتقاد العموم - فكذلك لفظ الحقيقة، إذا دل الدليل على أنه أريد به المجاز، لا يبطل إشعاره بالحقيقة.
ونقول: اللفظ يدل على العموم والحقيقة، وإنما منعنا من حمله عليه وجود المعارض، ويحكم بوقوع التعارض، والتعارض فرع تحقيق المتعارضين؛ فعلمنا حينئذ أن الدلالة في العموم وغيره باقية بعد اعتقاد أن المفهوم غير مراد، كذلك هاهنا استقرار الدلالة معناه استقرار الإشعار الذهني، وقد تقدم في باب الدلالة أن معناها الشعور، أو الإشعار، أو كون اللفظ بحيث إذا أطلق؛ أشعر، وبهذا التقدير؛ إذا كان هو المراد تستقيم دعوى استقرار الدلالة بالتفسير الأول، والسائل إنما أورد عليه السؤال في الكتاب من القسم الأول.