قال الرازي: قيل في قوله عليه الصلاة والسلام: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان): إنه مجمل؛ لأن نفس الخطأ غير مرفوع، فلابد من صرفه إلى الحكم، فيلزم الإجمال على ما تقدم تقريره.
والأقرب: أنه ليس بمجمل؛ لأن المولى، إذا قال لعبده: رفعت عنك الخطأ، كان ذلك في العرف منصرفًا إلى نفي المؤاخذة بذلك الفعل، فكذا إذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأمته مثل هذا القول، وجب أن ينصرف إلى ما يتوقع مؤاخذته لأمته به وهو الأحكام الشرعية، فكأنه قال: رفعت عنكم الأحكام الشرعية من الخطأ، والله أعلم.
* * *
المسألة الخامسة
قال القرافي:(قوله عليه السلام: (رفع عن أمتي الخطأ) يحمل قوله: طأن ذلك في العرف منصرف إلى نفي المؤاخذة) ينبغي أن يعلم أنه يكون من باب نقل المركبات، لا من باب نقل المفردات كما تقدم بسطه في الحقيقة العرفية، ويكون مجازًا لغويًا من باب المجاز في التركيب دون الإفراد، ويكون على حذف المضاف، هل المضاف المحذوف سبب التجوز، أو محل التجوز؛ على ما تقدم في باب المجاز تقريره.
قوله:(ينصرف النفي إلى ما يتوقع المؤاخذة به، وهو الأحكام الشرعية):
قلنا: لا نسلم أنه نفي للأحكام الشرعية، بل للإثم فقط، وأما الضمان، فهو ثابت، بل الصادق هاهنا أن نقول: الأحكام الشرعية لا يبقى منها نفي؛