وأما القسم الثالث: وهو الذي يكون تابعًا للمواضعة، فهو كما إذا قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: هذا الفعل بيان لهذه الآية، أو يقول:(صلوا كما رأيتموني أصلي).
واعلم أنه لا يعلم كون الفعل بيانًا للمجمل، إلا بأحد أمور ثلاثة:
أحدها: أن يعلم ذلك بالضرورة من قصده.
وثانيها: أن يعلم بالدليل اللفظي، وهو أن يقول: هذا الفعل بيان لهذا المجمل، أو يقول أقوالاً يلزم من مجموعها ذلك.
وثالثها: بالدليل العقلي وهو: أن يذكر المجمل وقت الحاجة إلى العمل به، ثم يفعل فعلاً يصلح أن يكون بيانًا له، ولا يفعل شيئًا آخر، فيعلم أن ذلك الفعل بيان للمجمل، وإلا فقد أخر البيان عن وقت الحاجة، وإنه لا يجوز.
وأما الترك فاعلم أن الفعل يبين الصفة، ولا يدل على وجوبها وترك الفعل يبين نفي وجوبه، وذلك على أربعة أضرب:
أحدها: أن يقوم من الركعة الثانية إلى الثالثة، ويمضي على صلاته، فيعلم أن هذا التشهد ليس بشرط في صحة الصلاة، وإلا لم تصح مع عدم شرط الصحة، ويدل على أنه ليس بواجب أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز أن يتعمد ترك الواجب.
وثانيها: أن يسكت عن بيان حكم الحادثة فيعلم أنه ليس فيها حكم شرعي.
وثالثها: أن يكون ظاهر الخطاب متناولاً له، ولأمته على سواء، فإذا ترك الفعل دل على أنه كان مخصوصًا من الخطاب، ولم يلزمه ما لزم أمته.
ورابعها: أن يتركه بعد فعله إياه، فيعلم أنه قد نسخ عنه، ثم ينظر؛ فإن كان