سلمنا ذلك، لكن تخصيص العام بدليل العقل جائز، وهاهنا دل العقل على خروج الملائكة والمسيح، فإنه لا يجوز تعذيب المسيح بجرم الغير وهذا الدليل كان حاضرًا في عقولهم.
ثم نقول: المسألة علمية، وهذا خبر واحد، فلا يجوز إثباتها به.
سلمنا صحة الرواية، لكن الرسول - عليه السلام - إنما سكت انتظارًا لنزول الوحي عليه في تأكيد البيان العقلي، واللفظي.
والجواب: لا نسلم أن صيغة (ما) مختصة بغير العقلاء، والدليل عليه وجوه:
أحدهما: قوله تعالى: {وما خلق الذكر والأنثى}[الليل: ٣]{والسماء وما بناها}[الشمس: ٥]{ولا أنتم عابدون ما أعبد}[الكافرون: ٣].
وثانيها: اتفاق أهل اللغة على ورود (ما) بمعنى (الذي) وكلمة (الذي) متناولة للعقلاء، فكلمة (ما) أيضًا كذلك.
وثالثها: أن ابن الزبعرى كان من الفصحاء، فلولا أن كلمة (ما) تتناول المسيح والملائكة، وإلا لما أورده نقضًا على الآية.
ورابعها: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يرد عليه ذلك، بل سكت وتوقف إلى نزول الوحي، ولو كان ذلك خطأ في اللغة، لما سكت الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن تخطئته.
وخامسها: أنه يقال: (ما في ملكي، فهو صدقة) و (ما في بطن جاريتي، فهو حر) وهو يتناول الإنسان.
وسادسها: أنها لو كانت مختصة بغير من يعلم، لما كان لقوله تعالى: {من