فقد يحصل القطع بظاهر العموم، ويتعذر التخصيص لغة وعادة، وقد تقدم تقريره في فصل التأويل عند ذكر المجمل، والمؤول؛ لإمام الحرمين.
قوله:(تردد العام بين الخصوص إن وجد معه المخصص، والعموم، إن عدم المخصص- كتردد المشترك):
قلنا: أبو الحسين يفرق؛ فيقول: التردد في المشترك لا يوجب جهلًا مركبًا، وهاهنا يوجبه، وقولكم:(الشك في الشرط الذي هو ورود المخصص يوجب الشك في المشروط الذي هو العموم):
قلنا: عنه جوابان.
أحدهما: أن التخصيص من قبيل الموانع، لا أن عدمه شرط، وقد تقدم أن لاشك في المانع يوجب غلبة الظن بترتيب الحكم؛ لأن الأصل في كل شيء العدم، ولذلك رتبنا الأحكام الشرعية على أسبابها في هذه المواطن، فإذا شك هل طلق أم لا؟ فلا شيء عليه، أو هل ارتد أم لا؟ ورثناه، أو قتل أم لا؟ عصمنا دمه وعلى هذه الطريقة.
فعلمنا أن الشك في المانع لا يمنع من ترتيب أحكام السبب، ويظهر بهذا أيضًا أن عدم المانع ليس شرطًا.
وكثير من الفقهاء يغلظ فيه؛ فيقول: عدم المانع شرط؛ لأن الشك في الشرط يوجب ترتب الحكم على سببه؛ كالشك في الطهارة والنية، وغير ذلك، فلو كان عدم المانع شرطًا، لوجب الترتب لكونه عدم مانع، وعدم الترتب لكونه شرطًا، إذا حصل الشك، فيلزم اجتماع النقيضين.
وثانيهما: سلمنا أنه شرط، لكن لا نسلم أن الشك حاصل، بل تجويزه على التأويل، وذلك احتمال خفي لا يمنع الظن والاعتقاد؛ بخلاف اللفظ المشترك لا يحصل فيه ظن البتة، فلا يكون الجهل المركب حاصلًا، فلا مفسدة في تأخير البيان عن وقت الخطاب.