والأولون هم: أمتنا مع الكتب السالفة؛ لأن الله تعالى ما أراد أن يفهموا مراده بها، ولا أن يفعلوا مقتضاها.
والآخر هو: النساء في أحكام الحيض؛ لأن الله تعالى أراد منهن التزام أحكام الحيض؛ بشرط أن يفتيهن المفتي، ولم يوجب عليهن فهم المراد بالخطاب؛ لأنه لم يوجب عليهن سماع أخبار الحيض، فضلًا عن بيان مجملها، وتخصيص عامها.
القسم الرابع
في المبين له
قال القرافي: قوله: (لم يرد الله- تعالى- من هذه الأمة فهم الكتب السالفة، ولا أن يعملوا بمقتضاها):
قلنا: هذا يصدق بطريقين:
أحدهما: أنه لم يوجب علينا فهم جميع ما فيها.
والثاني: أنه لم يوجب شيئًا من مقتضاها؛ من حيث هو مقتضى لها، وإن أراد إفهامنا بعض ما فيها من جهة أنه مقتضى ما أوحي إلينا، هذان معنيان صحيحان.
وأما أنه ما أراد إفهامنا شيئًا مما تضمنته مطلقًا، فليس كذلك؛ لأن فيها قواعد العقائد من الوحدانية وغيرها، وكليات الشرائع؛ كالكليات الخمس في حفظ الدماء وغيرها.
وقد أراد الله- تعالى-أن نفهم ذلك بالضرورة، لكن من كتبنا لا من تلك الكتب.