قال الرازي: يجوز من الله- تعالى- أن يسمع المكلف العام من غير أن يسمعه ما يخصصه، وهو قول النظام، وأبي هاشم، والفقهاء.
وقال أبو الهذيل، والجبائي: لا يجوز ذلك في العام المخصوص بدليل السمع، وإن جاز أن يسمعه المخصوص بأدلة العقل وإن لم يعلم السامع أن في العقل ما يدل على تخصيصه.
لنا ثلاثة أوجه:
الأول: أن ذلك قد وقع كثيرًا؛ لأن كثيرًا من الصحابة سمعوا قوله تعالى:{يوصيكم الله في أولادكم}[النساء: ١١] مع أنهم لم يسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) وسمعوا قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين}[التوبة: ٥] مع أنهم لم يسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) إلى زمان عمر رضي الله عنه.
الثاني: أجمعنا على جواز خطابه بالعام المخصوص بالعقل، من غير أن يخطر بباله ذلك المخصص؛ فوجب أن يجوز خطابه بالعام المخصوص بالسمع من غير أن يسمعه ذلك المخصص؛ والجامع كونه في الصورتين متمكنًا من معرفة المراد.
الثالث: أن الواحد منا كثيرًا ما يسمع الألفاظ العامة المخصوصة قبل مخصصاتها، وإنكاره مكابرة في الضروريات.
احتجوا بأمور:
أحدها: أن إسماع العام، دون إسماع المخصص، إغراء بالجهل.