فإن قلت: قد خير الشرع في خصال الكفارة في اختلافهما في المصالح، والأحكام تتبع المصالح؛ فيلزم اجتماع التخيير، والاختلاف في الأحكام؛ فلا تكون التسوية لازمة للتخيير.
قلت: التخيير وقع في خصال الكفارة باعتبار مناسبة سبب التكفير، ونحن إنما ندعي أن التخيير يقتضي التسوية بين المخير فيه من الوجه الذي وقع التخيير فيه فقط، لا من كل وجه، كما يخير في إزالة ألم الجوع بين اللحم والنبات. وإن اختلفا من جهة توفير القوة، فالوجه الذي وقع التخيير فيه: التسوية لازمة فيه.
ومن جهة توفير القوة: التسوية منفية، وليس فيه تخيير، ونظائره كثيرة.
قوله:(من أدلة الوجوب: أن يكون جزاء الشرط؛ كفعل ما وجب نذره):
قلت: كشفت نسخًا كثيرة، فوجدت هذه العبارة فيها، ولم أجد غيرها، وهي مشكلة؛ من جهة أن النذر لا يجب، بل يجب به، فكان المتجه أن يقول: ما وجب بالنذر، ولا يقول: ما وجب نذره.
قوله:(وخامسها: لو لم يكن واجبًا، لم يجز كالجمع بين الركوعين في صلاة الكسوف):
تقريره: أن الزيادة في الزيادة حرام، والركوع الثاني في غير هذه الصلاة يحرم القصد إليه، ومقتضى ذلك تحريم القصد إليه- هاهنا- تسوية بين صورة النزاع وصورة الإجماع، ويرد عليه أن الصلوات وإن عقل معناها من حيث الجملة؛ غير أنها مشتملة على نوع كثير من التعبد؛ فإن عدد الركعات بعيد، وترتيبها على هذه الأسباب الخاصة دون الصيام والصدقة، وأنواع الطاعات بعيد؛ لا يعقل معناه، وكذلك النوافل والسنن؛ فإن مناسبة سبع