والجواب عنه: أن مراد المصنف: أن اللفظ: يتناولنا بوضع اللغة، وإن لم ترد الشرائع؛ لأن دلالته وضعية، بل شأن هذا اللفظ أنه، متى اطلع على هذا الوجه، يتناولنا، ورد الشرع أم لا؟
وأما الفعل: فإنما يتناولنا، إذا نصبه الشرع دليلًا مفيدًا للحكم، فإذا نصبه الشرع إنما ينصبه دليلًا مفيدًا، إذا لم يكن منسوخًا، أما المنسوخ، فباق على الأصل، مستثنى من أصل نصب الشرع دليلًا، وإذا كان المنسوخ مستثنى، وغير المنسوخ هو المنصوب، فهذا الفعل دائر بين أن يكون من المستثنى الذي ليس بدليل الذي لا يتناولنا، وبين أن يكون مما يتناولنا، فقد دار بين الإلغاء والاعتبار؛ بخلاف القول متناولًا لنا بوضع اللغة قطعًا، ويؤول الفرق إلى أن إفادة اللفظ لغوية؛ لا يمنعها النسخ، ودلالة الفعل شرعية؛ يمنعها النسخ، وأن الواضع للغة وضعه، دالا، نسخ حكمه أم لا، وواضع الفعل دليلًا، إنما وضعه، حيث لم يكن منسوخًا.
فإن قلت: لم لا يقال: نصب الشرع الفعل دليلًا مطلقًا؛ حتى يرد المانع والمخصص، كما نقول في صيغة العموم، والأوضاع اللغوية: الأصل أن تكون حجة < حتى يقوم المعارض؟.
قلت: المانع من اعتقاد هذا أنه لم يفهم عن الشارع في نصبه الفعل دليلًا ذلك؛ بل للأدلة الدالة على وجوب التأسي، قطعنا بأن الله تعالى ما اراد بها الأفعال المنسوخة، وإذا قطعنا بعدم إرادتها من تلك الادلة، لم نعتقد أن الأصل دلالتها مطلقًا من جهة الشارع؛ بخلاف المنقول عن اللغة؛ إذ الصيغة دالة مطلقًا؛ حتى يقوم المعارض.
(تنبيه)
بحث الإمام في هذا القسم، إذا جهل التاريخ، يقتضي أن البعض متناول