عليهما السلام لا يتناول إلا بني إسرائيل، وذراريهم دون غيرهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن من ذراري بني إسرائيل؛ فلا تتناوله شريعتهما، فلا يكون الله تعالى قد تعبده بشرعهما إجماعا؛ على هذا التقدير، وإنما يتأتى بحكاية الخلاف في ذلك، إذا صح ما ذكرته، وهذا الاستشهادلا يتم في شريعة إبراهيم ونوح عليهما السلام؛ لأنه عليه السلام من ذريتهما.
ويؤكد ما ذكرته إجماع الأمة على أن المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مكلفين بالإيمان بالشرائع المتقدمة، وكذلك انعقد الإجماع على أن كفارهم في النار، ولولا التكليف، لم يؤاخذوا بالكفر، فيكون أهل ذلك العصر بجملتهم مكلفين بشرع من قبلهم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم منهم.
وإذا كان التكليف مجمعا عليه، يكون فتح الباء مجمعا عليه، فلا يستقيم حكاية الخلاف فيه، بل في كسر الباء خاصة، ومن التزم فتحها، يتعين عليه أن يقول ذلك في الفروع، دون الأصول؛ لحصول الإجماع في الأصول في حق جميع الناس، وهو عليه السلام منهم، ونقول: هو متعبد بشرع من قبله إجماعا باعتبار الأصول، هذا هو الذي يظهر لي، غير أنه قد وقع لبعضهم ما يدل على خلاف ذلك.
قال سيف الدين: غير مستبعد من الله تعالى أن يعلم أن مصلحة الشخص يقتضي أنه يعتقد أن الله تعالى هو المتعبد له بذلك، وعلى هذا تكون الباء مفتوحة، وهذا الموضع بخلاف قولنا: النبي عليه السلام متعبد بعد النبوة بشرع من قبله، وكذلك أمته، وهي المسألة الثانية التي بعد