تقريره: أن هذا ليس نسخا، وهو الظاهر من كلام المصنف؛ فإنه لم يصرح بالنسخ، بل بامتناع الرفع، فيكون من باب وجوب تقديم المعلوم على المظنون فقط، ولا تعلق له بالنسخ.
قوله:" إذا أوجب الصوم إلى الشفق بعد إيجابه إلى الليل يكون نسخا؛ لأنه يخرج أوله عن أن يكون ظرفا للصوم مع أنه معلوم بقاطع، فلا يقبل منه خبر الواحد ".
قلنا: هذا الكلام يشعر بأن ما ثبت بدليل قاطع يكون نسخا، وأن مرادكم في الكلام الذي قبل هذا في نفي الشروط وغيرها يكون نسخا، وليس كذلك في الجميع.
أما ما تقدم فقد قررته، وأما هذا فلأن كون أو الليل ظرفا للصوم له معنيان:
أحدهما: وجوب الإمساك في ذلك الجزء؛ ليتيقن انقضاء النهار.
وثانيهما: أنه لا وجوب بعده حتى يكون هو ظرفا.
أما الأول فلو رفع لكان نسخا له، لكنه لم يرفع؛ لأن التقدير أنه أوجب استمرار الصوم للشفق، فذلك الوجوب ثابت، وزيد عليه.
وأما الثاني فليس نسخا؛ لأن عدم وجوب الغير حكم عقلي، فرفعه لا يكون نسخا، وليس في كونه ظرفا إلا هذين المعيين، ويصير هذا القسم مثل القسم الذي بعده إذا قال: صم هذا النهار فقط، وقد سلمتم أنه ليس نسخا.
قوله:" إذا قال الله تعالى: " صلوا إن كنتم متطهرين " لا يمنع إثبات شرط آخر بخبر الواحد؛ لأن إثبات بدل الشرط لا يخرجه عن أن يكون شرطا، إذ لا يمتنع أن يكون للحكم الواحد شرطان ".