للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مخفيًا، ودللتم على وجوبه بكونه لطفًا، ودللتم على كونه لطفًا بتفاوت حال الخلق معه في الطاعات والمعاصي، فلابد من إثبات هذه المقدمة عند وجود الإمام؛ كيف كان الإمام حتى يمكن الاستدلال به على وجود الإمام، كيف كان ونحن نمنع ذلك؛ فإن تمسكتم باستقراء أحوال العالم:

قلنا: ذلك التفاوت إنما يحصل من الإمام القاهر، وأنت محتاج إلى بيان حصول التفاوت من وجود الإمام، كيف كان، فما لم تشتغلوا بإثبات هذه المقدمة، لا يتم دليلكم، فأي نفعٍ لكن هاهنا في أن تذكروا السبب في غيبته وخوفه؟

سلمنا: أن نصب الإمام يقتضي تفاوت حال الخلق، من الوجه الذي ذكرتموه، لكنه متى يجب نصبه؟! إذا خلال عن جميع جهات القبح، أو إذا لم يخل؟

الأول: مسلم؛ ولكن دليلكم لا يتم إلا إذا أقمتم الدلالة على خلوه عن جميع جهات المفسدة، وأنتم ما فعلتم ذلك.

والثاني: ممنوع؛ لأن بتقدير اشتماله على جهة واحدة من جهات القبح لا يجوز نصبه؛ لأنه يكفي في كون الشيء قبيحًا اشتماله على جهة من جهات القبح، ولا يكفي في حسنه اشتماله على جهةٍ واحدةٍ من جهات الحسن، ما لم يعرف انفكاكه عن كل جهات القبح.

فإن قلت: ما ذكرته مدفوع من أربعة أوجهٍ:

أحدها: أنه لو جاز القدح في كون الإمام لطفًا بما ذكرته، جاز القدح في كون معرفة الله تعالى لطفًا بذلك؛ لأن الذي يمكننا في بيان أن معرفة الله تعالى لطف هو أنها باعثة على أداء الواجبات، والاحتراز عن القبائح العقلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>